للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالرجوع إلى معاجم اللغة العربيّة نجد أنّ هذا الاسم لا يحمل إلا معاني المدح والثناء الجميلة. وهذه المعاني تدور حول العطاء، وجمع الخير، واكتمال الخَلْق.

ففي معجم مقاييس اللغة: «القاف والثاء والميم أصل يدل على جمع وإعطاء. من ذلك قولهم قَثَم من ماله، إذا أعطاه. ورجل قُثَم: معطاء. والقثوم: الرجل الجموع للخير» (١).

وفي لسان العرب: «القُثم والقثوم: الجموع للخير .. ويقال للرجل إذا كان كثير العطاء:

مائح قُثَم .. والقُثم: المجتمع الخلق، وقيل: الجامع الكامل، وقيل: الجموع للخير» (٢).

وبهذا يتبين أنّ القول بأنّ هذا الاسم يحمل معنى سيئاً قول مجانب للصواب.

ولو كان كذلك ما تسمى به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره، ولغيّره من تسمى به كالصحابي الجليل قثم بن العبّاس - رضي الله عنه - (٣).

ويقال للكاتب التونسي ومن أخذ بقوله: إذا كان هذا هو اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأربعين عاماً لم يحمل اسماً غيره، فكيف خفي ذلك على أعدائه من كفار قريش في مكة، ثم من اليهود والمنافقين في المدينة، ثم من سائر المرتدين في الجزيرة العربيّة، ثم من أعداء الإسلام على مر القرون، فلم يتخذوه مطعناً مع شدة عدائهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبحثهم عن أي مطعن فيه ولو خفي ودقّ؟

ولماذا لم يهتبله أبو سفيان لما وقف أمام هرقل يسائله، فقال: (فهل يغدر؟)، قال أبوسفيان: (لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها)، ثم قال: (ولم تمكني كلمة أُدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة) (٤)؟

وقد كان أعداؤه إذا شاؤوا تعييره عيروه بجدٍّ له يقال له أبو كبشة، فكيف عدلوا عن اسمه الأول الذي حمله أربعين عاماً كما يقول أصحاب هذه الشبهة؟


(١) انظر: معجم مقاييس اللغة، ابن فارس ٥/ ٥٩.
(٢) انظر: لسان العرب، ابن منظور ٥/ ٣٥٣٤.
(٣) هو قثم بن العبّاس بن عبد المطلب، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وشبيهه وآخر من خرج من لحده، أخ للحسن بن علي من الرّضاعة، توفي بسمرقند وقيل بمرو. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣/ ٤٤٠ - ٤٤٢.
(٤) رواه البخاري، وقد سبق تخريجه.

<<  <   >  >>