للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا الإجماع «فقد أجمع العلماء قديماً وحديثاً على أنَّ الأصول المعتبرة في إثبات الأحكام، وبيان الحلال والحرام، في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ثم في سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى» (١).

وأما الدلالة العقليّة فهي في غاية الوضوح، فإنَّ الله تعالى أمر بالرّجوع إليه وإلى رسوله عند حصول التّنازع، وأمر بطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، «وكيف تمكن طاعته - صلى الله عليه وسلم - وردُّ ما تنازع فيه النّاس إلى كتاب الله وسنة رسوله إذا كانت سنته لا يحتج بها، أو كانت كلها غير محفوظة. وعلى هذا القول يكون الله قد أحال عباده إلى شيء لا وجود له، وهذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الكفر بالله وسوء الظن به» (٢).

ولما كانت السّنّة بهذه المكانة، حفظها الصّحابة، وبلَّغوها مَن بعدهم من التّابعين، ثم بلَّغها التّابعون مَن بعدهم، وتناقلها العلماء الثّقات جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن (٣).

وعندما لحظ العلماء نسبة ما لا يثبت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعوا «شروطاً للرواية المقبولة بحيث تكفل هذه الشروط الضمانات الكافية لصدق الرواة وسلامتهم من الكذب والخطأ والغفلة في النقل» (٤).

وعُنوا «عناية فائقة بنقد الأسانيد بحيث لم يدعوا زيادة لمستزيد، وقد خلّفوا لنا في نقد الرّجال ثروة هائلة ضخمة» (٥).

«إنّ الأصول التي وضعها علماء أصول الحديث لنقد المرويّات، هي أرقى وأدق ما وصل إليه العقل البشري في القديم والحديث» (٦).


(١) انظر: وجوب العمل بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفر من أنكرها، عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مجلة الجامعة الإسلاميّة، العدد السادس والأربعون.
(٢) المرجع السّابق.
(٣) المرجع السّابق.
(٤) انظر: دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين، محمد محمد أبو شهبة، ص٢٧ - ٢٨.
(٥) المرجع السّابق، ص٣٠
(٦) المرجع السّابق، ص٣٦

<<  <   >  >>