للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتوفى فيصلي عليه المسلمون) (١).

وهذا الحديث أصرح من الذي قبله في الدّلالة على أنّ الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان، ومقتضى ذلك أنّ من بقي على دينٍ غيره كان كافراً.

الرّابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ستصالحكم الرّوم صلحاً آمناً، ثم تغزون أنتم وهم عدواً، فتنتصرون، وتغنمون، وتَسلمون، ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجلٌ من أهل الصليب الصليبَ، فيقول: غلب الصليب، فيغضبُ رجل من المسلمين، فيقومُ إليه فيدقُّه، فعند ذلك

تغدر الروم، ويجتمعون للملحمة) (٢).

وفي هذا الحديث دليل على بطلانِ دين الصّليب، وهو النّصرانيّة، ومناقضتِه وعداوتِه للإسلام والمسلمين.

الخامس: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب حين رأى مع عمر - رضي الله عنه - صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: (أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي) (٣).

فإذا كان موسى - عليه السلام -، وهو أحد أولي العزم من الرّسل، ملزمٌ باتباع دين الإسلام لو فُرض وجوده بعد بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فغيره أولى. ويكون ما جاء به من الدين؛ منسوخاً بالإسلام، وما جاء به من كتاب؛ منسوخاً بالقرآن، ومن تمسك بالتوراة وما جاء به موسى - عليه السلام -، ولو فُرض بقاؤه كما أُنزل؛ يكون على ضلالة.

ثم يقال: هل بعد هذه الأدلة الصّريحة الصحيحة موضع لمن يقول بأنّ سنّة محمد - صلى الله عليه وسلم - تصحح النّصرانيّة، وتنظر إليها على أنّها سبيل حق ونجاة لمن أيقن بعقائدها وارتضاها ديناً؟!

الأمر الثالث: الدّين والعقل نعمتان من الله - عز وجل -، وإذا كان المصدر واحداً فإنّ العقل السليم يستبعد وجود التناقض بين ما يصدر عن المصدر الواحد.


(١) رواه أبو داوود وصححه الألباني. انظر له: صحيح سنن أبي داوود ٣/ ٣٢.
(٢) رواه ابن ماجة وصححه الألباني. انظر له: صحيح سنن ابن ماجة ٣/ ٣٤٠ - ٣٤١.
(٣) حديث حسّنه الألباني في إرواء الغليل ٦/ ٣٤، وقد سبق ذكره.

<<  <   >  >>