للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله ابتعثنا لنخرج من شاء، من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نُفضي إلى موعود الله" (١).

إنّ الجهاد في الإسلام هدفه تبليغ الدّعوةِ كلَّ الناس، وأن يكون العلو والظهور والغلبة لدين الله في أرضه، ثم لا يُكره أحدٌ على الدخول فيه، فإنّ الكفر باق إلى قيام السّاعة.

والأصل في الإسلام عدم التشوف للقتال والقتل، ولذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عدم تمني لقاء العدو، وذلك حين تألبت الأحزاب لاجتياح المدينة، فقال: (أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أنّ الجنة تحت ظلال السيوف) (٢).

«لقد سبق الإسلامُ المدنيةَ المزعومة اليوم إلى سنِّ القوانين ووضع الضوابط التي تمنع الحروب والاقتتال ما أمكن، ثم إنْ وقعت واضطر المسلمون لخوض غمارها عني بكل ما من شأنه أن يُلطِّفَ من آثارها، ويحققَ ثمارها الداعمة للسّلام المستقبلي» (٣).

ولما كانت أهداف الجهاد في الإسلام سامية؛ فقد كانت الوسائل أخلاقيّة.

فقد كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - ملوك عصره يدعوهم للإسلام، وتعهد بإبقاء من يسلم منهم في منصبه. وكان يتعامل مع رسل الملوك تعاملاً حسناً مع ما يبدر من بعضهم من تجاوز.

وقد حرص على إبرام العقود والمصالحات القاضية بتغليب السلم وتجنب الحروب، وكان يلتزم بها ولا يخفرها.

وكان يتثبت من الأخبار الواردة بنقض العهود مع بعض من عاهد، ثم ينبذ إليهم العهد إذا تيقن منهم نية الغدر.

وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أمّر أميراً على جيش، أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه


(١) انظر: البداية والنهاية، ابن كثير ١/ ١٠٤٦.
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب لا تمنوا لقاء العدو، ح٣٠٢٥، ص٧٤٥. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء، ح١٧٤٢، ٢/ ٨٣١.
(٣) انظر: أخلاقيات الحرب في السيرة النبويّة، صالح الشمراني، ص٣٩.

<<  <   >  >>