للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا العابد الذي قد عبد الله ما شاء الله أن يعبده أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله.

وقد كان السلف يحاسب أحدهم نفسه في قوله: ((يوم حار ويوم بارد)).

ولقد رُؤيَ بعض الأكابر من أهل العلم في النوم فسئل عن حاله فقال: أنا موقوف على كلمةٍ قلتها، قلت: ما أحوج الناس إلى غيث، فقيل لي: وما يدريك؟ أنا أعلم بمصلحة عبادي.

وقال بعض الصحابة لجاريته يوماً: هاتي السفرة نعبث بها، ثم قال: أستغفر الله ما أتكلم بكلمة إلا وأنا أخطمها وأزمُها إلا هذه الكلمة خرجت مني بغير خطام ولا زمام، أو كما قال (١).

وقال ابن بريدة رأيت ابن عباس رضي الله عنهما آخذاً بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيراً تغنم، أو اسكت عن سوءٍ تسلم، وإلا فاعلم أنك ستندم، فقيل له: يا ابن عباس لِمَ تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان أراه قال: ليس على شيءٍ من جسده أشد حنقاً وغيظاً يوم القيامة منه على لسانه، إلا من قال خيراً أو أملى به خيراً (٢).

وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لساني (٣).


(١) انظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله، ص ٢٧٦ - ٢٨١.
(٢) ذكره ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم، ص ٢٤١.
(٣) ذكره ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم، ص ٢٤٢.

<<  <   >  >>