يعترضوا على عقائد الكنيسة الفجة -لا سيما التثليت والخطيئة والاستحالة-، أو على الأقل يجاهروا بمخالفتها، بل يخيل إلى الباحث أنهم كانوا يعيشون فترة من فقدان الوعي تجاه هذه العقائد رغم نبوغهم في مجالات أخرى، وإن كان للموضوع جانب آخر سنتناوله فيما بعد، إن شاء الله.
يقول برنتن:"لم يكن بوسع الكثيرين من أفراد المجتمع الغربي أن يعترفوا صراحة وجماعة بالإلحاد أو اللاأدارية أو بمذهب الاتصال بالله أو بأية عقيدة أخرى غير المسيحية إلا خلال القرون القلائل الأخيرة، وقد كان الكفار الذين يجاهرون بكفرهم قلة نادرة في الألف سنة التي استغرقتها القرون الوسطى، ولما كان الناس جميعاً مسيحيين فلم يكن هناك مفر من أن تكون المسيحية هي كل شئ لكل الناس، فلقد كان القديس فرانسيس وإرازمس ولويولا وميكافيلي وباسكال ووزلي ونابليون وغلادستون وجون روكفلر جميعاً مسيحيين"(١).
ثانياً: الطغيان السياسي:
طبيعي جداً أن يكون لرجال الدين سلطة سياسية في الأمة التي تدين بدينهم، بل إن الافتراض الذي لا يصح سواه هو أن تكون أزمة الأمور كلها -والسياسة خاصة- في يد فئة مؤمنة متدينة تطبق شريعة الله وتقيمها في واقع الحياة، لكن الذي لا يصح على الإطلاق هو أن يتحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين، مع نبذ شريعة الله وإسقاطها من الحساب ليحل محلها شهوة عارمة للتسلط ورغبة شرهة في الاستبداد، ومفاد ذلك أنه لا حرج على الكنيسة في تقويم انحرافات الملوك وممارسة الضغوط عليهم، إذا سولت لهم أنفسهم خرق