سبق أن عرضنا في الباب الثاني فصلاً من الصراع بين الكنيسة وبين العلم، ولمحنا الخطوط العريضة لتلك المعركة الضارية وبعض نتائجها السيئة، ووصل بنا العرض التاريخي إلى القرن التاسع عشر، حيث رأينا في فصل آخر كيف أجهزت الداروينية على الرمق الباقي في حطام مدعيات الكنيسة وتعاليمها.
[موقف العلم المعاصر تجاه الدين في القرن التاسع عشر]
ولعل من الأوفق - قبل أن نعرض لموقف العلم المعاصر تجاه الدين - أن نلقى نظرة سريعة على الموقف في القرن الماضي، إذ هو بمثابة الأساس لما تلاه في هذا القرن، وقد حاول مؤلف كتاب تكوين العقل الحديث، أن يجمل الصورة العامة للنزاع بين العلم والدين آنذاك فكان هذا الموجز:"إن نمو العلم الميكانيكي والنقد العلمي للتوراة، وانفجار قنبلة التطور عام ١٨٥٩م أبرزت الخلاف بين التقاليد الدينية والعلم الحديث".
وفصل ذلك في موضع تالٍ قائلاً: "أدى النقد التاريخي إلى إهمال الكثير من الاعتقادات، كما هدم العلم الميكانيكي بدوره مقداراً أكبر منها، ومنذ نقد ديفيد هيوم للمعجزات في القرن الثامن عشر رفض المتدينون الأحرار الاعتقاد بأي خرق