الطغيان في ذاته مرض خطير يدمر النفس الإنسانية ويمسخ سماتها، ويحيل الكائن البشري إلى روح شيطانية ماردة.
ومن خصائص هذا المرض أن أعراضه لا تصيب إلا ذا نفس هزيلة، أتيح لها وسائل تفوق طاقتها ومساحة أكبر من حجمها، ولم يكن لديها وازع خلقي أو رادع إيماني يكبح جماحها ويضبط سلوكها.
ولا يكون الطغيان -كذلك- إلا مظهراً للشعور بالنقص لدى النفس الطاغية، إذ تحاول بواسطته ستر نقيصة داخلية مؤرقة أو تسويغ مسلك معوج يعجز عن تبريره المنطق السليم والإقناع الهادئ.
فالطغيان يبدأ وسيلة خاطئة، وينتهي مرضاً مدمراً لا شفاء له إلا الموت القاصم.
وحين يصدر الطغيان من حاكم وثني أو زعيم دنيوي؛ فإنه يكون معقولاً إلى حد ما، وإن كانت فظاعته لا يسوغها عقل ولا ضمير، أما حين يصدر الطغيان عن رجال يراهم الناس "قديسين" ورسل سلام وطلاب آخره، فذلك مما يشق على النفس احتماله، ويبعد عن الذهن