كانت أوروبا في القرون الوسطى تعيش حالة من الهمجية والانحطاط لا يكاد يضارعها فيها أي جزء من العالم آنذاك، لا سيما القرون الثلاثة الأولى التي اصطلح مؤرخو الغرب على تسميتها العصور المظلمة، وإن كان يطلق أحياناً على القرون الوسطى كلها العصور المظلمة تلك التي امتدت قرابة عشرة قرون (١).
كان التفسخ الاجتماعي والتدهور الأخلاقي يسيطران على حياة أوروبا القاتمة ابتداءً من غزو النورمانديين البرابرة لجنوب أوروبا وسقوط إيطاليا خاصة، في أيديهم. لكن التاريخ مهما أسهب في وصف التدني الاجتماعي والأخلاقي لتلك الفترة لا يستطيع أن ينزع منها صفة البشرية، فهي مهما بلغ انحطاطها لا تصل إلى القاع الحيواني الذي تنغمس فيه أوروبا المعاصرة، والصورة مختلفة بين مجتمعين: أحدهما بشري متخلف، والآخر حيواني هابط!
كان لمجتمع القرون الوسطى قيمه وتقاليده وأخلاقه البشرية، وهي قيم مجردة وتقاليد وأخلاق قائمة بذاتها، لا تتوقف على سند