للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقي طقوساً جامدة لا علاقة لها بالحياة؛ بل أوحت إليهم بإمكان قيام حياة بهيجة متكاملة بلا دين

ولا شك أن مثل هذه الأفكار يسهل استيعابها وتقبلها في بيئة تخضع لطغيان الكنيسة الأعمى ومضايقاتها المرهقة.

ثانياً: نظرية العقد الاجتماعي:

كانت الفلسفة المدرسية أشهر المذاهب الفلسفية في القرون الوسطى - تقدس فلسفة أرسطو (٣٢٢ق. م) وأفلاطون والتراث الإغريقي جملة -رغم الوثنية المشبع بها هذا التراث- وكان مذهب أرسطو "الإنسان حيوان اجتماعي" (١)، أو كما تعبر المصادر العربية مدني بطبعه، -أي: أن الحالة الاجتماعية للإنسان مقترنة بوجوده منذ القدم- وكانت هذه النظرية من المسلمات التي لا تحتاج إلى دليل.

ولكن أحد الباحثين المجتمعين الأوائل وهو: هوبز خالف -وربما عن غير قصد- هذه الفكرة حيث اعتقد أن الإنسان لم يكن في الأصل إلا ذئباً على أخيه الإنسان - على حد تعبيره - وأن الحالة الفطرية أو الطبيعية كانت حرباً لا هوادة فيها بين أفراد النوع الإنساني؛ ولذلك احتاج الناس إلى عقد يتنازل بواسطته بعضهم لبعض عن شيء من الحقوق في سبيل أمن وسلامة الجميع.

ولما كانت طبيعة الإنسان -كما يراها هوبز- هي الشر دائماً استلزم الأمر وجود قوة نفوذها أعلى من العقد تكون مهمتها تنفيذ العقد إجبارياً على الأفراد، هذه القوة هي الدولة أو الحكومة (٢).


(١) تاريخ علم الاجتماع: جاستون بوتول: (٩).
(٢) انظر سلسلة تراث الإنسانية اللواياثان: (١/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>