قبل أن يصطدم الغرب المتحضر بالشرق المتخلف كانت التربية في الأخير متأخرة أسلوباً وموضوعاً، وكانت الثقافة جامدة ومحدودة.
كان نصيب الأمة الإسلامية من المعرفة ينحصر في بقايا التراث الفكري الذي دونه علماء الكلام والفقه واللغة في عصور ازدهار الحضارة الإسلامية تلك البقايا التي تسمى "الكتب الصفراء" أو "الثقافة التقليدية" وفي أحسن الأحوال "الثقافة الأصلية" كما في بلاد المغرب.
ولا شك أن هذه البقايا تشكل جانباً من جوانب الثقافة الإسلامية في مفهومها الواسع بغض النظر عن مدى صدقها في تمثيل حقيقة التصور الإسلامي المفترضة في ذلك الجانب، ولكن من المؤكد أن ذلك لا يصح اعتباره الصورة الكاملة المثلى للثقافة الإسلامية، ومن ثم فإن الحكم على الإسلام من خلال النظرة لذلك الجانب وحده خاطئ يقيناً.
ولسنا الآن بصدد الحديث عن مفهوم العلم في التصور الإسلامي، ولكن الذي يهمنا هو إيضاح أن المستوى العلمي للمسلمين في القرن الماضي لا يمثل هذا المفهوم أبداً، بل إنه - في بعض الأحيان - ليتنافى معه تمام المنافاة.