للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سيناء، ولم يرسل ابنه الأوحد إلى الأرض ليخلص الناس المذنبين، بل لا يمكن أن يكون له ابن" (١).

- الثاني: المذهب الإلحادي المادي: إن تهافت مذهب المؤلهة وتفاهته، هي التي أوحت إلى بعض معاصريهم بإنكار هذا الإله البعيد البارد، الذي لا أثر له ولا ضرورة لاختراعه، كما تقول حكمة فولتير "إذا كان الله غير موجود فلا بد من اختراعه"! فالطبيعة تغني عنه، والاعتراف بوجوده هو نوع من الإقرار بصحة دعاوى الكنيسة، فالأولى أن نستبعد وجوده نهائيا إرغاماً لأنف الكنيسة على الأقل.

وتطرف منهم طائفة "رأوا أن الله شر إيجابي، وبخاصة إذا كان إله الكنيسة الكاثوليكية الرومانية".

يقول " كرسون": ذهب بعضهم في الإنكار إلى أبعد حد، حتى أنهم يدعوننا حتى إلى حذف اسم الله نفسه وفي هذا يقول " دولباخ":

إن عقيدة الله المأثورة نسيج من المتناقضات، إن فكرة الله هو الضلالة المشتركة للنوع الإنساني" (٢).

تلك هي الخطوط العامة في القرن الثامن عشر للصراع بين الكنيسة والدين، على أنه ينبغي أن ننبه إلى أن هذا الصراع كان مقتصراً على الفلاسفة والطبقات المثقفة، ولم يتجاوز ذلك إلى القاعدة الشعبية ويصبح قضية جماهيرية، إلا بعد الثورة الفرنسية التي قامت في أواخر هذا القرن سنة (١٧٨٩م) وبقيامها رُسم معلم واضح من معالم التاريخ الأوروبي، وافتُتح عصر جديد من الصراع بين الدين واللادين يستحق أن يفرد له فصل مستقل.


(١) أفكار ورجال (٤٧٧ - ٤٧٨).
(٢) المشكلة الأخلاقية والفلاسفة (١٣٨).

<<  <   >  >>