للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقعت في قبضة المرابين اليهود، بفضل المركز المالي الذي هيأته لهم الثورة الصناعية.

وهذه جميعاً دلائل واضحة على أن المعركة لم تكن طبيعية، وأن عنصراً غريباً كان ينصب شباكه في الظلام للإجهاز على القيم الدينية والأخلاقية، وهو غاية ما تهدف إليه البروتوكولات.

ولقد كانت النتيجة المنطقية لانتصار الداروينية على المسيحية وهو الانتصار الذي سببه العاملان السابقان - أن عمت موجة الإلحاد المجتمعات الغربية، وانتقلت منها إلى بقاع العالم الأخرى، وسيطرت الأفكار المادية على عقول الطبقة المثقفة، وتخلت جموع غفيرة من الناس عن إيمانها بالله تخلياً كاملاً أو شبه كامل، وطغت على الحياة الأوروبية فوضى عقائدية غريبة.

والحق أن أوروبا بعد داروين، قد عبدت الشيطان بعد أن كانت تعبد المسيح، عبدته مرة عن طريق عبادة الطبيعة تلك الكلمة غير العلمية، فقد قال داروين: (الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق) وقال (إن تفسير النشوء والارتقاء بتدخل الله، هو بمثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة في وضع ميكانيكي بحت) (١).

صحيح أن الطبيعة عبدت قبل داروين، ولكن داروين كان نبياً جديداً لها، -إن صح التعبير- وعبدته مرة عن طريق عبادة الإنسان، وهى الفكرة التي دعا إليها الفيلسوف اليهودي (٢) (نيتشة) قائلاً: (إن الإله قد مات وإن الإنسان الأعلى (سوبرمان) ينبغي أن يحل محله، ومن هنا قرنته البروتوكولات بداروين وماركس) كما نادى بها في القرن


(١) التطور والثبات: (٤٠).
(٢) انظر: اللامتنمي: (١٤٧).

<<  <   >  >>