للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو مستمدة منه، بل إن (برتراندرسل) ليرى أنها تطورت خلال ثلاث مراحل (أخلاق المحرم (التابو) ثم أخلاق الطاعة الإلهية، ثم أخلاق المجتمع العلمي) (١).

ويقول (وليم جيمس) عن الأثر الدارويني في الأخلاق:

(إن فلسفة النشوء والارتقاء قد ألغت المعايير الأخلاقية التي سبقتها كلها لأنها رأتها معايير ذاتية شخصية وقدمت لنا بدلها معياراً آخر، نتعرف به الخير من الشر، وبما أن المعايير السابقة معايير نسبية فهي مدعاة للقلق والاضطراب، وأما هذا المعيار الذي ارتضوه وهو أن الحسن ما قدر له أن يبقى ويظهر ويبقى فهو معيار موضوعي محدد) (٢).

وإجمالاً فقد آمنت أوروبا شرقها وغربها بأن لا شيء ثابت على الإطلاق وهو الإيمان الذي عبر عنه (رسل) بقوله:

(ليس ثمة كمال ثابت ولا حكمة لا تَقدم بعدها ... وأي اعتقاد نعتقده وإن كان مما نظنه بالغ الأهمية ليس بباق مدى الدهر، ولو تخيلنا أنه يحتوى على الحق الأبدي، فإن المستقبل كفيل بأن يضحك منا (٣).

ومن الحق أن نقول: إن هناك علماء عارضوا فكرة التطور المطلق لكنهم قوبلوا بالنقد العاصف والاستنكار الشديد بحجة أنهم رجعيون متخلفون يعرقلون مسيرة التطور الحضاري، يقول كارل بوير: "إنني أشعر بشيء من الإرهاب مما يميل إليه أصحاب مذهب التطور من إلصاق تهمة الوقوف في وجه الإصلاح والتنوير بكل من


(١) المجتمع البشرى: (١٩) فما بعدها.
(٢) العقل والدين: (٦٨).
(٣) العقل والمادة: (٢٥٦).

<<  <   >  >>