للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخرى آنذاك: نماذج لكل ما اعتقد فيه المسيحيون كطقوس الطهارة، والإله الذي يموت ثم يبعث، والعذراء التي تحمل (١) ويوم الحساب وحفلات الربيع وحفلات الانقلاب الشتوي والشياطين والقديسين والملائكة.

٢ - إن المسيحية بما وعدت من خلاص في عالم آخر لتعويض ما في هذه الدنيا من فقر وظلم وآلام، أثبتت أنها عقيدة شديدة الجاذبية للعامة في الامبراطورية المتداعية، إذ يرون فيها طريقاً خلاَّباً للهروب من عالم لا يحبونه، وإذن فقولنا: إن المسيحية ديانة الضعفاء والبسطاء والمظلومين قول صادق والأناجيل مصرحة بذلك.

٣ - إن القواعد الدينية للمسيحية بلغت درجة من التعقيد، تكفي لأن تجتذب رجالاً من ذوي الميول الفلسفية، وإذن فإن عوامل النصر النهائي للمسيحية قواعدها الدينية التي اتحدت في نهاية القرن الثاني اتحاداً قوياً بالتقاليد الفكرية الإغريقية.

٤ - رد الفعل الذي نشأ عن الاضطهاد المستمر في عصور المسيحية الأولى، والاضطهاد عندما يبلغ درجة معينة يقوي الفئة المضطهدة، ويدفع المضطهدين إلى وحدة أشد تماسكاً وأكثر نظاماً (٢).

٥ - يضاف إلى ذلك عامل سياسي مهم وهو حاجة الدولة الرومانية إلى عقيدة موحدة تخلصها من الصراعات العقائدية المزمنة.

وعلى أية حال، فقد دانت أوروبا بالمسيحية منذ سنة (٣٢٥) وما زال العالم الغربي إلى اليوم يعتقد أنه عالم مسيحي، أو على الأقل كان كذلك يوماً من الأيام، لكن السؤال المهم هنا هو: هل هذه


(١) ورود حمل العذراء في الأساطير لا يدل على أنها خرافة محضة، بل إن الخيال البشري تخيل ذلك على أنه أعجوبة خارقة، ثم حققها الله تعالى في مريم عليها السلام لتكون معجزة إلهية.
(٢) انظر: أفكار ورجال: جرين برنتن، (ص:٢٠٢ - ٢٠٨).

<<  <   >  >>