على الرغم من أن الديمقراطية - في جوهرها - نظام فردي، كان وجوده أصلاً بمثابة رد فعل لإهدار الحقوق الفردية في ظل النظام الإقطاعي، فإن الفرد الممتاز في الديمقراطية مهضوم الحق بالنسبة لمشاركته في صياغة القرارات التي تتخذها الحكومة.
هذا العيب لفت نظر بعض النقاد إلى آفة تعانى منها الديمقراطية، ومنهم أليكسيس كاريل، فالدكتور كاريل يعجب كيف رضيت البشرية أن ترزح تحت نير نظام يقضي على المميزات الفردية، ولا يقيم للصفوة الممتازة أي وزن في التأثير على سير الأحداث، عدا ما يتمتع به سائر الناس، ويقول:
هناك غلطة أخرى تعزى إلى اضطراب الآراء فيما يتعلق بالإنسان والفرد، وتلك هي المساواة الديمقراطية. إن هذا المذهب يتهاوى الآن تحت ضربات تجارب الشعوب، ومن ثم فإنه ليس من الضرورى التمسك بزيفه، إلا أن نجاح الديمقراطية قد جعل عمرها يطول إلى أن يدعو للدهشة، فكيف استطاعت الإنسانية أن تقبل مثل هذا المذهب لمثل هذه السنوات الطويلة؟!
إن مذهب الديمقراطية لا يحفل بتكوين أجسامنا وشعورنا، إنه لا يصلح للتطبيق على المادة الصلبة وهى الفرد.
صحيح أن الناس متساوون، ولكن الأفراد ليسوا متساوين، فتساوي حقوقهم وهم من الأوهام، ومن ثم لا يجب أن يتساوى ضعيف العقل مع الرجل العبقري أمام القانون ... ومن خطل الرأي أن يعطوا (أي: الأغبياء) قوة الانتخاب نفسها التي تعطى للأفراد مكتملي النمو، كذلك فإن الجنسين لا يتساويان، فإهمال انعدام المساواة أمر خطير جداً، لقد ساهم مبدأ الديمقراطية في انهيار الحضارة بمعارضة نمو الشخص الممتاز ... ولما كان من المستحيل الارتفاع بالطبقات الدنيا، فقد كانت الوسيلة الوحيدة