"إنه الاسكتلندي الغبي الهجين الذي يدعو الناس عامداً إلى ارتكاب التجديف في الدين بقوله: عليك أن تكره الرب إلهك، وتعصي وصاياه، وتشتهي مال قريبك ... كما لم يسلم ممن عارضه لأسباب إنسانية، مثل كثير من أحرار المفكرين الذين لم يغفروا لسميث قط أنه أداة في ذلك الاستغلال الدنيء الذي انتهجه رجال الأعمال وأصحاب المصانع، إذ اتخذوا من مبدأ حرية التجارة وآرائه فيه منهجاً لهم في أعمالهم، فقد انتهز هؤلاء تلك الفرصة فشوهوا كل مبدأ دعا إليه لحماية العامل والزارع والمستهلك والمجتمع عامة، وفسروها على أنها إباحة مطلقة لمصلحتهم الشخصية، لا تتقيد بأي قيود أو تدخل من جانب الحكومة"(١).
(ب) مالتس (١٨٣٤):
لئن كان سميث أب الرأسمالية فإن مالتس هو محاميها العظيم، وإذا كان سميث قد اتخذ موقفاً سلبياً أو شبه سلبي من المعوزين والمهضومين، فإن مالتس اتخذ حيالهم دوراً إيجابياً، لكنه - للأسف - ضدهم إلى أبعد الحدود.
ظهر في القرن الثامن عشر عدد من الكتاب المغرقين في التفاؤل من أمثال كوندورسيه وجدوين وتوماس بين وشكلوا مدرسة اجتماعية طبيعية، تؤمن بأنه إذا تمتع كل فرد بما أسموه حقوق الإنسان، وأزيلت الحواجز الاصطناعية التي تعوق ذلك، فإن عصراً مزدهراً أو يوتوبيا حقيقية تنتظر البشرية، فالطبيعة حسب تعبيرهم وفرت لوازم السعادة وهيأتها لبني البشر، وما عليهم إلا أن يحسنوا اقتسامها وتوزيعها.