ويقول سول: كان مذهب مالتس هذا يخدم مصالح أولئك الذين بالرغم من الأرباح الطائلة التي جنوها بفضل نمو الرأسمالية تعرضوا لهجوم عليهم، بسبب سوء الحال التي كان عليها فريق كبير من العمال والأجراء.
لقد قام مالتس بالدفاع اللازم حين أعلن أن شقاء الإنسان مرده إلى إغفال أحد القوانين الطبيعية (يعني: قانون زيادة السكان)، وإن تجاهل هذا القانون لن يؤدي إلى تحقيق أية منفعة اجتماعية في ظل أي نظام اقتصادي، وأن علاج الشقاء في يد هؤلاء التعساء أنفسهم، وأن الالتزام الوحيد على الطبقات العليا من المجتمع ينحصر في تعريف الناس بالموقف الحقيقي.
إن آراء مالتس هذه هي التي جعلت علم الاقتصاد يعرف باسم العلم القاتم النظرة.
والحق أن تَقَبُّل نظرية مالتس ومثلها نظرية سميث، وأضرابها ليس إلا جزءاً من ظاهرة فكرية أوروبية تستدعي الدهشة والعجب، وتستوجب التعليل والتفسير، وهي ميل الفكر الأوروبي دائماً إلى اعتناق الأفكار الشاذة والنظريات اللاأخلاقية المتطرفة، على الرغم من وفرة الأفكار والنظريات الأقرب إلى الاعتدال والموضوعية.
وهذه الظاهرة رأيناها -في الفصل السابق- في المكيافيللية، ثم هنا، وسنراها في الماركسية، ثم في الفرويدية وكذلك بعض الاتجاهات الأدبية.
وهذا -في نظرنا- يعود إلى مرض متأصل في النفسية الجاهلية