ذلك أي داعية أخلاقي أو مصلح اجتماعي فهو حجر عثرة في سبيل الرقي وأداة للإمبريالية العالمية، وعميل للبرجوازيين والرجعيين، بل إن كل من يخالف سياسة الحزب الشيوعي ولو مخالفة سلبية بطريقة الصمت هو عدو للطبقة الكادحة وعميل للقوى الاستغلالية؛ فإذا شم من صمته رائحة الإيمان بدين ما فقد عرض نفسه لعقوبة أدناها العمل سخرة في المعسكرات التأديبية مدة كافية لإذابة كل الأفكار الرجعية من دماغه.
والنظرية الشيوعية دين رسمي متعصب لا يقبل الجدل ولا يسمح بالمنافسة، وكل شئ في الدولة الشيوعية لابد أن ينبثق من العقيدة الماركسية ويتمشى معها، فالعلم يجب تسخيره لتثبيت الفكر المادي والمناداة بأزلية الكون ومادية الحياة، والأدب والفن لابد أن يلتزما بما سمي الواقعية الاشتراكية، ووسائل الإعلام شغلها الشاغل تمجيد النظرية وإطراء النظام والإطناب في شرح إنجازات الثورة والتشهير بمخالفيها.
وهكذا في كل شئ تريد الشيوعية أن تفرض نفسها عقيدة ونظام حياة ومصدر تشريع وأساس علم وفكر وفن وأدب، فهي فكرة جاهلية متكاملة تقابل تماماً الدين بمفهومه الحقيقي الشامل، وتريد أن تحل محل العقيدة الدينية في مجالات الحياة ونشاطاتها.