الحقيقة بجلاء، لقد كانت روسيا القيصرية أكثر دول العالم إنتاجا للقمح، بل إن جزءاً منها مثل أوكرانيا يكفي لأمداد أوروبا كلها بالغذاء، ولكن الواقع الحالي يشهد أن الاتحاد السوفيتي يستجدي القمح من أعداء العقيدة الرأسماليين الأمريكان، ويدفع ثمناً له العملة الصعبة، وهذا هو المحك الحقيقي لمقدار نجاح النظام الشيوعي أو فشله في جانبه الاقتصادي الذي يعده أهم وأرقى جوانبه.
ويقدم لنا لويس فيشر بعض الحقائق عن المزارع الجماعية في روسيا فيقول: "إن هذه المزارع الجماعية ليست إلا نوعاً جديداً بارعاً من العبودية الجماعية يناسب القرن العشرين، ويجبر الفلاح على العمل تحت رقابة بعض شيوعيي القرية المختارين ووخزاتهم، ويجعله عالة على الدولة ومحتاجاً إليها دائماً في بذوره وآلاته وحيواناته ومعظم دخله.
وكان من الطبيعي أن يلقى هذا التأميم للزراعة مقاومة عنيفة بعيدة المدى، وقد شاهدنا كيف كان رد الحكومة على هذه المقاومة، لقد أرسلت بمئات الآلاف من الكولاك أو أغنياء الفلاحين إلى معسكرات العمل الجماعية، ولم يكف هذا النفي الجماعي لتحطيم القرية ... واستعمل المسئولون القوة لإجبار الفلاحين على الدخول في هذه المزارع الجماعية، وكثيراً ما كانت وحدات الجيش الأحمر تظهر في القرية، وتنتقل من كوخ إلى كوخ، مصدرة أمرها إلى السكان بتشكيل مزرعة جماعية.
وكان الفلاحون يهددون بالنفي إلى سيبريا والتركستان، كما حدث في الكولاك إذا تشبثوا بالزراعة الفردية.
بهذه الوسائل وغيرها أمكن أن تحشر الغالبية العظمى من الفلاحين الروس في المزارع الجماعية، ولكنهم مع ذلك ظلوا يعارضون أو يهدمون المجهود التعاوني، فقد كانوا يأملون -حتى الآن- أن تعتبر الحكومة هذه