للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنسبة للإنسان، وفي قول مكيافيللي: إن ميل الإنسان للشر يفوق ميله إلى الخير.

ويعلق بوتول على ذلك قائلاً عن مكيافيللي: إن أهمية هذا المؤرخ الفلورنسي أنه جعل لفلسفة التاريخ: ولعلم الاجتماع السياسي وجوداً مستقلاً (١).

وكان من رواد الأفكار الجديدة أيضاً الفيلسوف اليهودي سبينوزا الذي اشتهر بعداوته للأديان وأخلاقياتها، وكان معاصراً لهوبز، وفي رأيه أن الناس يعيشون في الأصل خاضعين لسيطرة شهواتهم، وأن حقوق الناس في نزاع دائم مع قوتهم التي تتعادل فقط مع هذه الحقوق، ويهاجم سبينوزا علم الأخلاق الذي كان يسود في العصور الوسطى، والذي يمجد النسك ويدعو للندم والذي يغلب فيه الميل للشقاء فيقول: "إن اللذة خير في ذاتها والألم قبيح في ذاته ... وأن الحكمة هي التأمل في الحياة لا في الموت"

على أن كاتباً آخر تطرف في عداوته للكنيسة وأخلاقها بدرجة عجيبة وهو مانديفيل في كتابه أقصوصة النحل الذي أثار فضيحة، وكان له دوي عظيم، فقد ذهب إلى أن النقائص هي بالتحديد التي يدمغها الأخلاقيون كالشراهة والتعجرف والفسق ... إلخ، وهي التي أتاحت انتشار الحضارة والفنون والتكتيك فهذه الاتجاهات التي اعتبرت مذمومة هي في الواقع أعظم العناصر الديناميكية التي لولاها لاضمحل الإنسان إلى حالة قريبة من الحيوانية (٢).

وهذه البدايات والأفكار ظلت مبعثرة لم تنسق في علم واحد حتى ولد علم الاجتماع باعتباره علماً خاصاً يدرس العلاقات والظواهر المجتمعة دراسة مفصلة ضمن قواعد ومعايير خاصة.


(١) تاريخ علم الاجتماع. جاستون بوتول: (٢٤، ٢٥).
(٢) المصدر السابق: (٣٠).

<<  <   >  >>