الرئيسي الذي نرمي إليه ما هو في الواقع إلا محاولة نريد بها مد نطاق المذهب العقلي حتى يشمل السلوك من الناحية التاريخية إلى بعض العلاقات السببية، وأنه من الممكن أيضاً تحويل هذه العلاقات بعملية عقلية إلى بعض القوانين التي يمكن تطبيقها عملياً في المستقبل، وليس مذهبنا الذي خلع عليه البعض اسم المذهب الوضعي سوى إحدى نتائج المذهب العقلي"
ولو حاولنا أن نختصر مذهب دور كايم لوجدنا أن محوره ثلاثة أسس:
١ - عقل جمعي عشوائي خارج عن شعور الأفراد.
٢ - هذا العقل يصدر أوامره على شكل ظاهرة اجتماعية تتقلب وتتغير بطريقة غير منطقية.
٣ - هذه الظاهرة تقهر الأفراد وتخضعهم لسطوتها شعروا أو لم يشعروا.
وتفصيل ذلك يبدأ من اعتبار الظواهر الاجتماعية أشياء موضوعية لها حقيقتها الخارجية: "إن طريقتنا طريقة موضوعية؛ ذلك لأنها تقوم بأسرها على أساس الفكرة القائلة بأن الظواهر الاجتماعية أشياء ويجب أن تعالج على أنها أشياء".
((إذا سلم الناس بأن هذا المركب الفريد في جنسه الذي يتكون منه كل مجتمع يؤدي إلى وجود بعض الظواهر الجديدة التي تختلف في طبيعتها عن الظواهر النفسية التي تمر بشعور الأفراد كل منهم على حدة؛ فلابد من التسليم -أيضاً- بأن هذا النوع الجديد من الظواهر لا يوجد في المجتمع، ونعني بها أفراده وإنما يوجد في نفس المجتمع الذي أوجدها، وبناءً على ذلك فإن هذه الظواهر تكون خارجة عن شعور الأفراد حالة تفرقهم)).