للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تكون راي ستراتشي إحدى المطالبات بحقوق المرأة فيما بين الحربين، صادقة حينما قالت عن الرهبانية: "يستفاد من النظرية التي أوصت بهذا التطاول على المرأة أن الشهوة الجنسية هي أشنع الخطايا جميعاً، وأنها كانت في الحقيقة الخطيئة التي سببت سقوط الإنسان، وأن العفة الكاملة هي أعلى مثل في الحياة وأنه يجب أن يلعن النساء لأنهن سبب الغواية، وكان يقال إن الشيطان مولع بالظهور في شكل أنثى، وأنه طالما زار النساك بهذه الصورة في كهوفهم الجبلية، وصفوة القول أن مجرد التفكير في النساء كان خطراً، وأن المرأة نفسها كان نحساً من النحوس" (١).

وقد انعكس هذا المفهوم على وضع المرأة في عصر الإقطاع عامة، إذ كانت كما نقل راندال: "تربى المرأة الخادمة لتتعلم أصول حياة الزوجية فتعمل بشروط منهكة قاسية وتتغذى بلحم فج بسيط، وترتدي ثياباً رثة، وتظل تحت العبودية والرق، وإذا حملت يؤخذ الطفل من رحمها للعبودية ... ، تباع المرأة الخادمة المستعبدة وتشرى كالحيوان" (٢).

لكن على الرغم من هذا، فقد كان العرض له قيمته العظمى، وكانت المحافظة عليه معيار الشرف والرجولة، أي: أنه كان هناك ارتباط تاريخي بين إهدار قيمة المرأة معنوياً واقتصادياً، وبين المحافظة الشديدة على العرض، وهي ثغرة لم تعدم من ينفذ منها فيما بعد.

وبقيام الثورة الفرنسية بدأت الشرارة الأولى في القضية التي أسميت: قضية المرأة، وتعتقد راي ستراتشي أن الثورة في ظاهرها لم تفد النساء فائدة مباشرة، وترى أن فائدتها تعود إلى أن النظرية


(١) تاريخ العالم: (١/ ٢٩٧).
(٢) تكوين العقل الحديث: (١/ ١٤٦).

<<  <   >  >>