للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جرعة من النبيذ فيتعذر وينصرف، وما أن اطمأن الصيدلي إلى أنه لم يعد يسمع وقع قدمي القس، حتى أبدى رأيه في مسلكه فوصفه بأنه ناب، فقد بدأ رفضه أبغض ألوان الرياء، إذ أن القساوسة يحتسون الخمر في الخفاء، ويحاولون أن يستعيدوا الأيام التي كانت الكنيسة تتقاضى فيها الضرائب من رعاياها.

صاحبة النزل: إنه رغم قولك يستطيع أن يطوي أربعة من أمثالك على ركبتيه، لقد ساعد رجالنا على تخزين العشب الجاف.

الصيدلى: مرحى، أرسلو بناتكم إذن ليعترفن أمام رجال من هذا الصنف (!)، لو كنت في مركز الحكم لأمرت بأن يفصد القساوسة في كل شهر، في سبيل مصلحة البوليس والأخلاق.

- كف عن هذا يا مسيو هوميه، فأنت كافر لا دين لك.

- بل لي دين، ديني الخاص، وإن لدى من التقوى ما يفوق ما لدى هؤلاء .. رغم نفاقهم ودجلهم، إنني على العكس أعبد الله، أؤمن بالكائن الأعلى، أؤمن بوجود خالق كيفما يكن كنهه، ولكني في غير حاجة لأن أذهب إلى الكنيسة ... لأسمن من مالي رجالاً لا يصلحون لشيء، إن المرء ليستطيع أن يهتدي إلى الله في غابة أو في حقل أو حتى بمجرد تأمل قبة الأثير .. إن إلهى هو إله سقراط وفرنكلين وفولتير وبيرانجيه، إنني من أنصار الإيمان الذي دعا إليه قس سافوا (روسو)، ومن المؤمنين بمبادئ ثورة (١٧٨٩م) الخالدة، ولا أستطيع أن أعبد إلهاً مزعوماً يسير في حديقته، وعصاه في يده، ويودع أصدقاءه أجواف الحيتان، ويموت صارخاً، ثم يبعث بعد ثلاثة أيام، هذه جميعاً في حد ذاتها سخافات تناقض تماماً كل قوانين الطبيعة.

وفي هذا ما يوضح لنا ضمناً كيف أن القسس ظلوا دائماً متشبثين بجهل صلد

<<  <   >  >>