تعطي الإنسان المعاصر -أو القرد حسب تعبير كامو- أي نوع من أنواع الثقة والاطمئنان.
بل على العكس كان دورها الفعال ينحصر في اجتثاث موروثات الكنيسة الهشة، التي كانت رغم هشاشتها تقدم شيئاً من الاستقرار والثقة في المصير.
وكانت العوامل النفسية والاجتماعية التي أشرنا إليها سلفاً تهدم كل أمل في الوصول إلى السعادة والإيمان بالقيم المجردة أياً كانت.
وأمام العملاق الميكانيكى الرهيب وسيطرة الآلة الطاغية شعر الإنسان بأنه قد سحق وأن وجوده قد تضاءل إلى حد أدنى مما كان عليه وهو يواجه جبرية الكنيسة واضعاً مصيره بين يدي قدرها المحتوم.
وهنا تحققت نبوءة شبنجلر وتكهنات أورويل عن مستقبل الجنس -أو القطيع- البشري، وأصبح مشكلة الإنسان العظمى في الحياة هي وجوده حياً، فالكلمة التي قالها أوغسطين: أصبحت أنا نفسي مشكلة بالنسبة لنفسي، لم تعد خاصة بالفلاسفة بل باتت ترددها شفاه الفرد العادي من أجيال الضياع!
ويتساءل الأديب المعاصر:
هل لحياتنا معنى؟ ما هو؟ ما هو مكان الإنسان في العالم؟ هنا يظهر حالاً لماذا كانت الأغراض البلزاكية مطمئنة أنها تنتمي إلى عالم يكون الإنسان فيه سيداً وهذه الأغراض كانت أموالا وأملاكاً لا هم إلا امتلاكها والاحتفاظ بها ...... وكانت ثمة هوية ثابتة بين هذه الأغراض ومالكها، صورة بسيطة هي في الوقت ميزة ووضعية