للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن اختيار أربعة مؤلفات من بين سبعين مؤلفاً مع عدم إبداء أسباب تبرر ذلك، لهو إجراء قسرى، يعبر عن روح الرعونة والصلف اللذين لم ينفكا عن الكنيسة في أية حقبة من تاريخها، ولذلك فليس عجيباً أن يعاملها العاقون من أبنائها بمثل ذلك التطرف والغلو، وليت الأمر اقتصر على هذا، لكن الكنيسة لم تحفظ الأناجيل الأربعة نفسها من التحريف بعد أن فرضتها على أتباعها، وكان للأباطرة دخل في هذا التحريف، ولا لوم عليهم فإنما قلدوا الكنيسة في ذلك.

يقول "لاندر" أحد مفسري الأناجيل: "حكم على الأناجيل المقدسة لأجل جهالة مصنفها بأنها ليست حسنة بأمر السلطان اناسطيوس في الأيام التي كان فيها "مسالة" حاكماً في القسطنطينية فصححت مرة أخرى" (١). وهذا القول اعتراف بالغ الخطورة، فهو يقرر ثلاث حقائق تاريخية:

١ - أن مؤلفي الأناجيل مجهولون، وظلوا كذلك حتى القرن الرابع الميلادي.

٢ - أن لأهواء الحكام وميولهم يداً فيما تعرضت له الأناجيل من تحريف باسم التصحيح.

٣ - أن التحوير والتعديل ظل يمارس في الأناجيل دون شعور بالحرج، مما يدل على أنه عادي مألوف، قد أورد الشيخ "رحمة الله الهندى" خمسة وأربعين شاهداً على التحريف بالزيادة في الأناجيل، مدعمة بالوثائق والاعترافات، نختار واحداً منها للتمثيل فقط.

الآية الثالثة والخمسون من الباب السابع وإحدى عشرة آية من


(١) إظهار الحق: (٢٩٦).

<<  <   >  >>