الشغل الشاغل لملوكها مهاجمة الدولة العثمانية لا لشيء إلا لأنها سنية، وكان العوام يقدسون الملوك والعلماء جرياً على المذهب الرافضي الذي يجيز العصمة لغير الأنبياء (١)
أما الدولة المغولية: فكانت باستثناء بعض الملوك مثل أورنك زيب جاهلة بحقيقة الإسلام، وكان فهمها له مختلطاً بكثير من الخرافات والتصورات الخاطئة، ولا غرابة في ذلك فإن المغول لم يعتنقوا الإسلام الصافي، بل دخلوا فيه على الصورة التي وجدوا الأمة الإسلامية تعيشها في أواخر العصر العباسي الثاني، حيث كانت الصراعات المذهبية والفكرية والطوائف الباطنية قد نخرت جسم الأمة مما هيأ لهم اكتساح العالم الإسلامي، وبعدها دخلوا في دين الأمة المغلوبة لا في صورته المثلى، بل في صورته القائمة يومئذ.
هذا الجهل بالإضافة إلى كون المسلمين أقلية بين الهندوس جعل إلغاء الشريعة الإسلامية من قبل الإنجليز لا يقابل بكبير معارضة، أما الدولة العثمانية: فعلى الرغم من كونها أصلح الدول الثلاث عقيدة وسلوكاً، فإنها كانت بعيدة عن منهج الخلافة الراشدة بعداً يزداد أو يقل حسب نوعية خلفائها.
إن أي باحث نزيه لا يستطيع أن ينكر مآثر الدولة العثمانية ومزاياها التي تستحق الثناء والتقدير، فهي التي جعلت المد الإسلامي في أوروبا الشرقية يبلغ مداه بعد أن فقد المسلمون بلادهم في أوروبا الغربية بسقوط الأندلس، وهي التي كسرت الكماشة الأوروبية التي كادت تطبق فكيها على العالم الإسلامي، ولم تتمكن من ذلك إلا بعد انهيار الدولة العثمانية.
(١) انظر الكافي باب أن الأئمة معصومون من الخطأ، بل انظر الحكومة الإسلامية للخميني (ص:٥٢) (٩١هـ) بيروت.