للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجود جيش منظم مدرب، يستخدم الوسائل الحديثة، ويفرغ نفسه لمهمة الجهاد.

ووضع اللوائح النظامية لهذا الجيش لم يك في مقدور مجلس العلماء، لأنه كان بعيداً عن مثل هذه الشئون التي يراها شكلية لا تستحق الاهتمام، كما أنه لم يك في مقدور قادة الجيش نفسه، لأن الجمود العلمي والذهني الذي ليس من الإسلام في شيء قد كاد يقضي على كل فرصة للتطور والإبداع، إذن ما الحل؟

لجأت الدولة العثمانية إلى ملوك أوروبا الذين كانوا لا يزالون في نظر العثمانيين حتى ذلك الحين خنازير حقيرة، (١) يطلبون منهم إيفاد مدربين للجيش العثماني، وجاء المدربون من ألمانيا وفرنسا والسويد، ولأول مرة في التاريخ الإسلامي يتولى تدريب وتنظيم الجيش الإسلامي خبراء كفرة

وكانت هذه هي البداية، ثم تلاها بعد ذلك ما تلاها.

عندما أريد إصلاح الجهاز الإداري استوردت -أيضاً- الطرائق الغربية في تقسيم الولايات وتنظيم وتحديد مسئوليات الولاة والقضاة، وعندما أريد إصلاح الجهاز التعليمي بنيت المدارس ووضعت المناهج على نمط، يحاكي النمط الأوروبي ويقتبس منه.

وعندما أريد إصلاح منهج الحكم أصر دعاة التغريب على أن تكون مجالس نيابية على الطريقة الغربية، وأن يوضع دستور مكتوب ذو قواعد وبنود على النمط الأوروبي، وكان لهم ما أرادوا.

وليس غرضنا -الآن- تفصيل هذه الأمور، ولكن القصد هو إيضاح أن توحيد الطاعة والاتباع انتقص من حقه بطريق غير واعية


(١) انظر ما كتبه شبنلجر حول رحلة توماس مور إلى الباب العالي بشأن الحرب بين فرنسا وبريطانيا، فقال له الصدر الأعظم: إن مولاي السلطان لا يهمه أن يقتتل كلبان بعيداً عن مملكته، فلا داعي لدخولك عليه.

<<  <   >  >>