للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأغاليط، ويراجعون الأخطاء، ويتبادلون الجدل عن عزائم صادقة حتى تربت الملكات، وتصورت المطالب أمامهم بصور الواقعيات" (١).

ومن أوضح الأدلة على تأثر المسلمين بالغرب وتقبلهم للفكر الدخيل، ما نراه في كلام جمال الدين المذكور وتلامذته من محاولة - لعلها الأولى في التاريخ الإسلامي - للتقريب بين الإسلام والمذاهب البشرية الوضعية، فهو يقول عن الاشتراكية: "وهكذا دعوى الاشتراكية ... ، وإن قل نصراؤها اليوم فلا بد أن تسود في العلم يوم يعم فيه العلم الصحيح، ويعرف الإنسان أنه وأخاه من طين واحد أو نسمة واحدة، وإن التفاضل إنما يكون بالأنفع من المسعى للمجموع".

ويقول: "أما الاشتراكية في الإسلام فهي ملتحمة مع الدين الإسلامي ملتصقة في خلق أهله منذ كانوا أهل بداوة وجاهلية، وأول من عمل بالاشتراكية بعد التدين بالإسلام هم أكابر الخلفاء من الصحابة، وأعظم المحرضين على العمل بالاشتراكية كذلك من أكابر الصحابة أيضاً" (٢).

أما تلميذه الشيخ محمد عبده، فيستحسن الأنظمة الجمهورية النيابية، معتقداً أنها هي الوسيلة الحديثة للشورى الإسلامية، يقول: "والمبايعة لا تتوقف صحتها على الشورى، ولكن قد يحتاج فيها إلى الشورى لأجل جمع الكلمة على واحد ترضاه الأمة، فإذا أمكن ذلك بغير تشاور بين أهل الحل والعقد كأن جعلوا ذلك بالانتخاب -المعروف الآن- في الحكومة الجمهورية، وما هو في معناها حصل المقصود" (٣).


(١) المصدر السابق: (١٠٤).
(٢) المصدر السابق: (١٨١ - ١٨٢).
(٣) تفسير المنار: (٤/ ٢٠٣)، وللشيخ دور آخر سيأتي الحديث عنه في فصل تال.

<<  <   >  >>