التحرر من سيطرة الغرب الحضارية! إن ثروته البترولية تصنع وتسوق بالعقول الغربية والأساليب الغربية والآلة الغربية، إن الجيوش العربية التي هي مصدر غروره القومي تستعمل السلاح الغربي، وترتدي البزة الغربية بل وتسير على أنغام الموسيقى الغربية، حتى إن ثورته على الغرب مستمدة من المبادئ والقيم والمفاهيم الغربية التي تعلمها من الغرب، حتى أن معرفته بتاريخه وحضارته وتراثه تعزى إلى المثقفين الغربيين).
(إن غلبة الحضارة الغربية في الشرق -وهي العدو القديم للحضارة الإسلامية- قد أورثت العربي المسلم الشعور بالضعة والمهانة والصغار أمام طغيان تلك الحضارة التي يمقتها ويحترمها في نفس الوقت).
(لقد استطاعت بعض الدول الشرقية كتركيا وإيران تطوير علاقتها بالدول الغربية على أساس مصالحها القومية، لكن السياسة الغربية ما تزال تعيش على أحلام وأمجاد وأوهام الامبراطورية الإسلامية، التي كانت تقسم العالم إلى قسمين متعارضين متناقضين، يعادي أحدهما الأخر ويضمر له الشر هما: (دار الإسلام) -أي: الامبراطورية الإسلامية- ودار الحرب أي: أعداء تلك الامبراطورية على أساس الحديث (الكفر ملة واحدة)(١).
وتجدر الإشارة إلى أن خطة العمل الموحد المشترك بين الصليبية واليهودية أصبحت لزاماً وواجباً مشتركاً على كلا الطرفين بعد الموقف الصلب الذي واجه به السلطان عبد الحميد -رحمه الله- هرتزل، إذ تعين بعدها أن القضاء على الخلافة الإسلامية ضروري لمصلحة
(١) عن معركة الإسلام: الصواف، (١٨٣ - ١٨٤)، ومن الضروري لمعرفة بعض أساليب المخطط الخبيث الاطلاع على كتاب (لعبة الأمم) لكوبلاند.