للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - اصطناع العملاء من أبناء المسلمين: كان من النصائح التي قدمها القسيس زويمر للمبشرين قوله:

(تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم ومن بين صفوفهم. لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أعضائها) (١).

وقد نفذت هذه النصيحة في البلاد الإسلامية جميعها، واستطاع المستعمرون أن يكونوا من العناصر الضعيفة الإيمان قوىً منظمة بعضها أحزاب سياسية، وبعضها اتجاهات فكرية تربت على عين الاستعمار وسمعه، وحشيت أذهانها بما أملاه أعداء الإسلام، وظل الشعور بالنقص والتبعية للغرب هو إحساسها الدائم.

واختير من تلك القوى أفراد قدر المستعمر، أنهم أفضل المطايا له، فصنع لهم بطولات ضخمة، وأثار حولهم الغبار الكثيف، حتى خيل للأمة أن على أيديهم مفتاح نهضتها وبناء مجدها، فطأطأت لهم الرأس حتى إذا تمكنوا منها أنزلوا بها من الذل والدمار وخراب العقيدة ما لم تذقه على يد أسيادهم

وإن كتاب (الرجل الصنم)، (٢) الذي كتبه ضابط تركي سابق، ليقدم لنا واحداً فقط من هؤلاء الأفراد المصطنعين، نسج على منواله في عالمنا العربي كثير.

وليس أدل على ذلك من أن القوى التي حكمت العالم الإسلامي بعد رحيل الاستعمار لم تكن الحركات الجهادية التي جابهت المستعمرين، بل كانت أحزاباً وقوى مشبوهة تشهد أعمالها وآثارها بأنها جنت على الأمة ما لم يجنه الأعداء السافرون، مما يعطي الدليل


(١) الغارة على العالم الإسلامي: (٨٠).
(٢) كتاب يتناول حياة مصطفى كمال أتاتورك بأسلوب علمي وتحليل دقيق، ترجمه إلى العربية عبد الله عبد الرحمن.

<<  <   >  >>