للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به الحملات الصليبية السالفة، فهو فكر تدعمه القوة، وحضارة يمدها العلم، ونضال يحكمه النظام.

غير أن ذلك كله لا يعني أن نلقي عليه تبعاتنا وننسب إليه انهيارنا كأنما هو قوة اسطورية اجتاحنا بغتة دون أن نستطيع لدفعها يداً.

إننا -كما سبق- لم نؤت إلا من قبل أنفسنا، وما عوقبنا إلا بما كسبت أيدينا، نحن الذين أعطينا الكفار الفرصة ليخططوا ضدنا، وأسهمنا بعللنا وأدوائنا في إنجاح مخططاتهم، إن الله تعالى يقول ((وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً)) [آل عمران:١٢٠]، فلولا إفلاسنا من الصبر والتقوى، بل ومن الإيمان والتصور السليم ما كان لهذه المخططات من أثر، وإن كان فهو كالجرح الذي سرعان ما يندمل أو الإغفاءة تعقبها الوثبة.

وحين نقول: إننا كنا مسلمين حقيقيين، حتى جاء الكفار، فأفسدوا علينا ديننا ودنيانا، فإننا لا نكون مخطئين في تصورنا فحسب، بل نكون قد قطعنا على أنفسنا الطريق الصحيح للعودة، ذلك الطريق الذي يبدأ أساساً من معرفتنا بأننا كنا منحرفين، وفهمنا لأسباب ومظاهر الانحراف والاستقامة.

وسوف نرى مصداق ذلك في الفصل التالي، حيث نعرض مظاهر العلمانية في العالم الإسلامي، وسيتضح من خلال العرض أن تلك المظاهر ما كانت لتوجد، لولا العوامل الذاتية الكامنة في أنفسنا ومجتمعاتنا.

<<  <   >  >>