للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصار يقرأ مقالات في مواضيع مختلفة الألوان لا صلة لها بالدين، بل إن وجهة نظر الدين فيها لا تناقش على الإطلاق، وأصبح الرجل من عامة المسلمين يرى أن الشريعة الإسلامية لم تعد هي الفيصل فيما يعرض له من المشاكل، ولكنه مرتبط في المجتمع الذي يحيا فيه بقوانين مدنية لا يعرف أصولها ومصادرها، ولكنه يعرف على كل حال أنها ليست مأخوذة من القرآن.

وبذلك لم تعد التعاليم الدينية القديمة صالحة لإمداده في حاجاته الروحية فضلاً عن حاجاته الاجتماعية، بينما أصبحت مصالحة وحاجاته الدنيوية هي أكثر ما يسترعي انتباهه، وبذلك فقد الإسلام سيطرته على حياة المسلمين الاجتماعية، وأخذت دائرة نفوذه تضيق شيئاً فشيئاً حتى انحصرت في طقوس محدودة، وقد تم معظم هذا التطور تدريجياً عن غير وعي وانتباه، وكان الذين أدركوا هذا التطور قلة ضئيلة من المثقفين، وكان الذين ساروا فيه عن وعي وتابعوا طريقهم فيه عن اقتناع قلة أقل، وقد مضى هذا التطور إلى مدى بعيد، ولم يعد من الممكن الرجوع فيه، وقد يبدو الآن من المستحيل -مع تزايد الحاجة إلى التعليم ومع تزايد الاقتباس من الغرب- أن يُصدّ هذا التيار أو تعاد إلى الإسلام مكانته الأولى من السيطرة التامة التي لا تناقش على الحياة السياسية والاجتماعية.

وينتهي جب إلى القول: إن العالم الإسلامي سيصبح خلال فترة قصيرة جداً علمانياً في كل مظاهر حياته (١).


(١) عن مذكرة المذاهب الفكرية للسنة الرابعة بكلية الشريعة -الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- علماً بأنني لم أعثر على النص فى الترجمة المتداولة لكتاب وجهة الإسلام، لكن تأكد لدي بإيراد الدكتور محمد محمد حسين له مع اختلاف ضئيل انظر: الاتجاهات الوطنية (٢/ ٢١٨ - ٢٢٠).

<<  <   >  >>