وعندما دحرجت المرأة في الصورة الثانية جزءاً من النقاب ظهر القليل من نور وجهها المكفن، فوصف الشاعر هذه المحاولة بالنور الخادع ..
يلوح النور خداعاً كلون الضاحك الغادر
ضياء يرسل الشك لقلب الجازع الصابر
وتزيح المرأة في ريشة الرسام الدعاجي ذلك الخمار حتى الذقن دفعة واحدة تستقبل نور الحياة والشمس، فيرى الشاعر في هذه الخطوة المحتشمة بداية لصبح من الثقة المتبادلة بين الجنسين:
بدا الصبح وفي الصبح تجلى روضها الناظر
وقال الورد في الخدين غضوا عن دمي الطاهر
وفي النهاية لا تجد المرأة موجباً لبقاء هذا النقاب متدلياً عند الجيد فتزيحه دفعة واحدة، وتنتزع معه بذلك رواسب التقاليد الضيقة، فتظهر الشمس لعين الحق ويغمر نورها الدنيا:
وفي الشمس ترى الدنيا جميعاً حسنها باهر
يرتل كل ذي صوت ثناء المبدع القادر
ويعلم كل ذي عينين ما الحسناء بالعاهر
هنالك تحكم الأفهام بين العف والفاجر (١)
هذا من الوجهة النظرية، أما التطبيق الواقعي للفكرة فقد حمل العبء الأكبر منه الحركة التي أسميت حركة النهضة النسائية، وأشهر رائداتها: هدى شعراوي وسيزا نبراوي سكرتيرتها، وباحثة البادية، ومنيرة ثابت، وقد التف حولهن عصبة ممن خلعن رداء الحياء وسخرن أنفسهن لخدمة الدوائر الصليبية.
(١) مجلة الفكر، تونس ديسمبر (١٩٧٥)، عدد خاص عن المرأة في عام المرأة!