والواقع أن كلا النوعين من الشرك مردهما إلى أصل واحد، وهو تحكيم غير الله والتلقي عنه، فإن مقتضى تحكيمه وحده ألا تتوجه البشرية إلى غيره بأي نوع من أنواع العبادة والقربات، وألا تتوجه وتسير في حياتها كلها إلا وفق ما شرع لها في كتبه وعلى لسان رسله، قال تعالى:((إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)) [يوسف:٤٠].
فرد الأمر كله إلى الله واتخاذه وحده حكماً في كل شيء هو بعينه العبادة التي أمر الله ألا يصرف شيء منها لغيره، وهذا هو ذات الدين القيم الذي لا يرضى الله تعالى سواه، وإن جهله أكثر الناس على مدار التاريخ.
إذا تقرر هذا فكل ما يجابه هذه الحقيقة أو جزءاً منها، فهو طاغوت في أي صورة كان وفى أي عصر ظهر، ولا يكون الإنسان فرداً أو مجتمعاً شاهداً ألاَّ إله إلا الله حقيقة إلا بالكفر بهذا الطاغوت والبراءة منه وأهله.
من أجل ذلك كان العربي الذي يقول هذه الكلمة على عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينخلع عن الجاهلية انخلاعاً تاماً، وينسلخ من كل أعرافها وأوضاعها وقيمها وموازينها وإيحاءاتها، وينضم إلى موكب الإيمان وهو متجرد لله منقاد لأوامره بلا تردد أو استثناء.
٢ - العبادة:
العبادة: هي العلاقة بين هذا الكون بكل ما فيه من جمادات وأحياء، وبين الخالق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهي الغاية من الوجود الإنساني،