للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من آرائه الفقهية التي استنبطها بالعراق حتى أصبح له مذهبان: قديم وجديد.

ونتبينها من القاعدة الأصولية التي تنص على تغير الفتوى بتغير الظروف والأحوال.

أدركوا هذا مع إدراكهم الجازم للحقيقة العميقة الكبرى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)) [المائدة:٣] كما سبق في كلام ابن القيم من الفصل السابق، ومع إيمانهم المطلق بمدلول قوله تعالى: ((أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً)) [الأنعام:١١٤] وفهم هذه الحقيقة بجانب فهم قاعدة الوجود الكبرى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:٥٦] يرسم الإطار العام للشريعة والدائرة الشاملة للحياة البشرية، والتي لا تزيد على ثلاثة أقسام:

١ - جوانب ثابتة متعلقة بحقيقة الإنسان ذاته أنَّى وجد، في أي زمان ومكان، تلك الحقيقة التي لا تتغير ولا تتبدل على الإطلاق، وهذه جاءت الشريعة لها بأحكام تفصيلية ثابتة كثباتها، فصلها الله تعالى تفصيلاً كالشعائر التعبدية المحضة من صلاة وصيام وحج، وكأحكام الطهارة المختلفة وكأحكام الأسرة من نكاح وقوامة وطلاق وعدة، وكالمحرمات الرئيسية الثابتة من زنا وخمر وسرقة وخيانة ... إلخ، فهذه فصلت بمقتضى الحكمة والهداية الربانية التي لا يملكها البشر، ولو وكل شيء منها إليهم لضلوا وتاهوا.

٢ - جوانب ثابتة الجوهر والهدف، لكنها متجددة الصور متغيرة الأساليب حسب سنة الله الكونية: مثل نوع الحكم وطريقته والمنهج الاقتصادي للأمة والخطة التعليمية ... وما أشبهها،

<<  <   >  >>