أن يحمدوا الله على أن حرم الشرك وأبطله، ورحمهم بشريعة لا تمزق فيها ولا ضياع؟!
إننا نتوجه بالسؤال إلى من يدعي الإسلام من هؤلاء، فنقول: إذا أخرجنا - على سبيل التحكم - جزءاً من النشاط الإنساني في الحياة - إما السياسة وإما غيرها - عن دائرة الدين، فمن أين نتلقى منهج وقيم وموازين هذا الجزء؟
وأياً ما كان الجواب فإن نتيجته ومؤداه أمر واحد لا ريب فيه، التلقي عن غير الله.
قد يقال نتلقى ذلك ونستمده من التجربة البشرية على مر العصور أو من اجتهادنا الذاتي وأفكارنا الخاصة، أو ما تمليه الظروف والملابسات العصرية أو من أي شيء كان المهم أن النتيجة المنطقية لذلك هي الشرك بالله، وهل هناك صورة من صور الاعتراف بالشرك أصرح من هذه؟ أعنى شرك الطاعة والاتباع - إنه شرك في عبادة الله وإن كان الذين يمارسونه قد يجهلون معنى عبادة الله، وما ذلك بغريب على الجاهليين فإن عدي بن حاتم رضي الله عنه في الجاهلية لم يك يتصور أن ذلك عبادة، {فإنه لما دخل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تلا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [التوبة:٣١] فقال: عدي (وكان نصرانياً) يا رسول الله! لسنا نعبدهم! قال: أليس يحلون لكم ما حرم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى. قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فتلك عبادتهم}.
قال شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية تعليقاً على ذلك: "قد جعله الله ورسوله شركاً وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم" (١).