للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنه لعجيب أن يكون هذا الرجل طبيباً يداوي الناس وهو مريض، ولكن الأعجب منه هو أن يبحث الحائرون في الغرب عن دين ينظم حياتهم، في حين أن الذين منحهم الله الموهبة الكريمة في الشرق يقولون: لا علاقة للدين بشئون الحياة، ويريدون أن ينظموا حياتهم بتناقضات وفلسفات أولئك الحيارى!!

ونزيد الأمر إيضاحاً بإيراد شاهد على أن الشركاء المتشاكسين يفقدون الإنسان الأرض الثابتة التي يستطيع الوقوف عليها، ويزجون به في متاهات لا قرار لها وصدامات لا سبيل للخلاص منها يقول سمول:

"إن رأسمالنا الأخلاقي -إذا تحدثنا بوجه عام- إنما يتكون من مجموعة من الأخلاقيات الإقليمية يعوزها التجانس، وبهذه الأخلاقيات يحتفظ المجتمع بحركته، ولكنه رغم هذا يبعثر مجهوداً هائلاً يبذله في تلك الاحتكاكات التي تعوق حركته، إننا لا نملك مستوى أخلاقياً عاماً تستطيع أن تحتكم إليه طبقة من الناس ضد أخرى، وتستمد منه حكماً تلتزم بقبوله الطبقة التي تخسر القضية

فلنفترض -على سبيل المثال- أننا وسط صراع من صراعات العمال وأصحاب الأعمال، وقد اقترح أن تحال المشكلة إلى التحكيم، ثم تقابل ممثلو الطرفين المتنازعين؛ فإنه سرعان ما يتبين أن النزاع لا يمكن الفصل فيه على أسس أخلاقية، فإن للأطراف المتنازعة وربما لهيئة التحكيم -أيضاً- مستوى أخلاقياً مختلفاً، فأخلاقيات العاملين تقوم على أساس فكرة حق العمل، أما أخلاقيات المحكمين فإنها قد تتأرجح بين تفسير رجل القانون للقانون المدني، وبين فكرة الفيلسوف المتأمل عن الحقوق المثالية الإنسانية للإنسان بوصفه إنساناً، أي أنه لا يوجد أخلاقيات مشتركة نرجع إليها، فلا المتقاضون ولا المحكمون

<<  <   >  >>