عقل سليم أن يساير منطقها الأعوج ويؤمن بمسلماتها العمياء.
وقد سخر الكاتب الأمريكي " جرين برنتن" من استدلال الكنيسة بهذه الفقرات، وأرجع السبب في وقوع الكنيسة في هذا الخطأ إلى التشابه الشكلي بين لفظتي " بطرس" و"صخرة"(١)
وإذا كان مفسرو الأناجيل المتعصبون لدينهم يصرحون بأن آيات كثيرة في الأناجيل لا أصل لها -كما سبق- في مبحث التثليث - فما بالك بالنقاد والمفكرين من غير رجال الكنيسة، فضلاً عن المسلم الذي ينفرد بمعلومات يقينية لا يتطرق الشك إليها.
ومن وجهة نظر التاريخ لا يمكن تبرير الشناعات التي ارتكبتها الكنيسة والحروب الطاحنة التي عرقلت مسيرة الحضارة وأزهقت أرواح الأبرياء، والاستبداد والطغيان اللذين مارسهما رجال الدين في كل شئون الحياة، والوقوف المستمر في صف الطغاة والظلمة ضد الشعوب البائسة، ومحاكم التفتيش، وإحراق العلماء، وبقية الجرائم الأخرى لا يمكن أن تبرر ذلك بأن المسيح أورث سلطانه وملكوته للسلطة الكهنوتية الغاشمة.
وبالإضافة إلى ذلك لو راجعنا إنجيل متى الذي أورد هذا الافتراء لوجدنا المسيح بعد ثلاث فقرات فقط من هذا القول يخاطب بطرس قائلاً:"اذهب عني يا شيطان، لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس ... " فكيف يتسق هذا الوصف وهذه التهمة مع الهبة السابقة والتكريم الذي لا حد له؟.
ثم لماذا تنظر الكنيسة إلى هذا القول وأضرابه، وتغض الطرف
(١) انظر: أفكار ورجال هو: ١٩٣، وذلك أن أسم بطرس هو " peter" ولفظ " pert" يعنى: صخرة، ومثله تماماً في تاريخ أوروبا في العصور الوسطى: (١/ ١٠٧).