للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الراهب ماكاريوس أنه نام ستة أشهر في مستنقع ليقرض جسمه العاري ذباب سام، وكان يحمل دائماً نحو قنطار من حديد، وكان صاحبه الراهب يوسيبيس يحمل نحو قنطارين من حديد ... ، وقد أقام ثلاثة أعوام في بئر نزح ... وقد عبد الراهب يوحنا ثلاث سنين قائماً على رجل واحدة، ولم ينم ولم يقعد طوال هذه المدة، فإذا تعب جداً أسند ظهره إلى صخرة. وكان بعض الرهبان لا يكتسون دائما، وإنما يتسترون بشعرهم الطويل ويمشون على أيديهم وأرجلهم كالأنعام، وكان أكثرهم يسكنون في مغارات السباع والآبار النازحة والمقابر، ويأكل كثير منهم الكلأ والحشيش، وكانوا يعدون طهارة الجسم منافية لنقاء الروح، ويتأثمون عن غسل الأعضاء، وأزهد الناس عندهم وأنقاهم أبعدهم عن الطهارة، وأوغلهم في النجاسات والدنس، يقول الراهب اتهينس: إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طوال عمره، وكان الراهب أبراهام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين عاماً، وقد قال الراهب الإسكندري بعد زمان متلهفاً: واأسفاه، لقد كنا في زمن نعد غسل الوجه حراماً، فإذا بنا الآن ندخل الحمامات" (١).

وهناك "راهب منعزل اخترع درجة جديدة من الورع يربط نفسه بسلسلة إلى صخرة في غار ضيق " (٢) وأما القديس كولمبان فـ (كانت السناجب تجثم على كتفيه، فتدخل في قلنسوته وتخرج منها" (٣) وهو ساكن.

نتائج الرهبانية:

من سنن الله في الكون أن كل مبدأ أو نظام لا يساير الفطرة البشرية فإن مآله إلى الخسران والفناء، ومصير أتباعه شقاء مطبق


(١) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: (١٦٨).
(٢) معالم تاريخ الإنسانية: (٧٣٢).
(٣) قصة الحضارة: (١٤/ ٣٥٦).

<<  <   >  >>