للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سعيد، إني إذا قرأت كتاب الله وتدبرته كدت أن آيس (١) وينقطع رجائي، فقال: إن القرآن كلام الله، وأعمال ابن آدم إلى الضعف والتقصير، فاعمل وأبشر. وقال فروة بن نوفل الأشجعي: كنت جارًا لخبّاب، وهو من أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم -، فخرجت معه يوما من المسجد وهو آخذ بيدي، فقال: يا هناه، تقرب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. وقال رجل للحكم بن عتيبة: ما حمل أهل الأهواء على هذا؟ قال: الخصومات. وقال معاوية بن قرَّة، وكان أبوه ممن أتى النبى - صلى الله عليه وسلم: إياكم وهذه الخصومات، فإنها تحبط الأعمال. وقال أبو قلابة، وكان قد أدرك غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجالسوا أهل الأهواء، أو قال: أصحاب الخصومات، فإنه لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون. ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟ قال: لا، قال: فنقرأ عليك آية؟ قال: لا، لتقومانّ عني أو لأقومنَّه، فقاما، فقال بعض القوم: يا أبا بكر، وما عليك أن يقرأي (٢) عليك آية؟ قال: إني خشيت أن يقرآ عليّ آية فيحرفانها، فيقرّ ذلك في قلبي، ولو أعلم أني أكون مثلي الساعة لتركتهما. وقال رجل من أهل البدع لأيوب السختياني: يا أبا بكر، أسألك عن كلمة؟ فولَّى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة. وقال ابن طاوس لابنٍ له يكلمه رجل من أهل البدع: يابني، أدخل أصبعيك في أذنيك، حتى لا تسمع ما يقول، ثم قال: اشدد اشدد. وقال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضً (٣) للخصومات


(١) في اللسان: "قال الجوهري: أيست منه آيس يأسَا. لغة في يئست منه أيأس يأسًا، ومصدرهما واحد". ونقل أيضًا عن ابن سيدة قال: "أيست من الشيء مقلوب عن يئست، وليس بلغة فيه".
(٢) كذا في الأصل. وفى الحلية "أن يقرآ".
(٣) كذا بالأصل، رسم المنصوب المنون بغير ألف كرسم المرفوع، وهو جائز، انظر أمثلة لذلك في=

<<  <  ج: ص:  >  >>