على أن هماماً والأعرج كلاهما قد كتب الصحيفة عن أبي هريرة وسمعها منه. فتكون الصحيفة مروية عن أبي هريرة بإسنادين من وجهين متباعدين. وأنها وصلت إلى البخاري صحيفة من رواية أبي الزناد عن الأعرج، كما وصلت إليه من رواية معمر عن همام. ولن يكون ذلك خاصاً بالبخاري، فلا بد أنها وصلت إلى غيره من الأئمة الحفاظ كما وصلت إليه. ولكنا لا نستطيع القطع بذلك إلا أن تجتمع الدلائل عليه. وعسانا نجد ذلك، إن شاء الله. ثم وجدت البخاري قد صنع ذلك مرة أخرى، في رواية حديثين من نسخة "أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة"(٦: ٨٢ فتح). فذكر قبلهما حديث "نحن الآخرون السابقون" - مختصراً هكذا، مقتصراً على أوله وذكر الحافظ في هذا الموضع:"أن عادته [يعني البخاري] في إيراد هذه النسخة، وهي: شُعيب عن أبي الزناد عن الأعرج- أن يصدر بأول حديث فيها ويعطف الباقي عليه، لكونه سمعها هكذا".
ونسخة "أبي الزناد عن الأعرج" لم أجدها مجموعة في مكان، وما سمعت أن أحداً جمعها أو رواها مفردة. وهي مفرقة في المسند، وهي أقرب إلى أن تكون مجموعة في جامع المسانيد والسنن. ولكن ليست بإسناد واحد كصحيفة همام. ويروي الإِمام أحمد أحاديثها بأسانيد متعددة إلى أبي الزناد.
وعسى أن أوفق إلى جمعها وتتبعها في المسند والدواوين، ثم تحقيقها ونشرها إن شاء الله. وممن روى هذه الصحيفة عن عبد الرزاق- الحافظ أبو الحسين أحمد بن يوسف بن خالد السلمي النيسابوري، محدث نيسابور. وهو من شيوخ مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وروى عنه البخاري خارج الصحيح. ثقة متفق على جلالته وعدالته. توفي سنة ٢٦٤، عن ٨٢ سنة وهو مترجم في التهذيب ١: ٩١ - ٩٢. والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ١/ ١/ ٨١. وتذكرة الحفاظ ٢: ١٣١. وقد سبق توثيقه في شرح الحديث: ٦٣٧٤. ونقلنا هناك قول ابن حبان: كان راوياً لعبد الرزاق، ثبتاً