القوم ندموا وطلبوا مني الرجوع إليهم فأسلموا كلهم، وضعف هذا الحديث.
وأما ما سمع من أجواف الذبائح. فمنه ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: كنا يوما في حي من قريش يقال لهم آل ذريح بالحاء المهملة، وقد ذبحوا عجلا لهم والجزار يعالجه، إذ سمعنا صوتا من جوف العجل ولا نرى شيئا:
يا آل ذريح، أمر نجيح، صائح يصيح، بلسان فصيح. يشهد أن لا إله إلا الله: أي والمراد بالذريح: العجل الذي ذبح، لأنه ملطخ بالدم الأحمر، لقولهم: أحمر ذريحيّ: أي شديد الحمرة. والذي في البخاري يقول: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله، والمراد بالجليح: العجل المذبوح أيضا، لأنه قد جلح:
أي كشف عنه جلده.
وأما ما سمع من الهواتف، ولم يجىء على ألسنة الكهان، ولا سمع من جوف الأصنام، ولا من جوف الذبائح فكثير. من ذلك ما حدّث به بعضهم وذكره النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، لقد رأيت من قس عجبا، خرجت أطلب بعيرا لي حتى إذا عسعس الليل: أي أدبر، وكاد الصبح أن يتنفس، هتف بي هاتف يقول:
يا أيها الراقد في الليل الأحم
أي بالحاء المهملة يعني الأسود
قد بعث الله نبيا بالحرم ... من هاشم أهل الوفاء والكرم
يجلو دجنات الليالي والبهم
أي الظلمات والأمور المشكلة، فأدرت طرفي فما رأيت شخصا فأنشأت أقول:
يا أيها الهاتف في داجي الظلم ... أهلا وسهلا بك من طيف ألمّ
بين هداك الله في لحن الكلم ... من ذا الذي تدعو إليه يغتنم
فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول: ظهر النور، وبطل الزور، وبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالحبور: أي السرور، صاحب النجيب الأحمر: أي الكريم من الإبل، والتاج والمغفر، والوجه الأزهر: أي الأبيض المشرب بالحمرة، والحاجب: أي الجبين الأقمر: أي الأبيض، والطرف الأحور: أي شديد سواده، صاحب قول شهادة أن لا إله إلا الله، فذاك محمد المبعوث إلى الأسود والأحمر، أهل المدر والوبر: أي العجم والعرب، ثم أنشأ يقول:
الحمد لله الذي ... لم يخلق الخلق عبث
أرسل فينا أحمدا ... خير نبي قد بعث
صلى عليه الله ما ... حج له ركب وحث