للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد قال في توجيه صنيع الشيخ الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ، حيث اعتبر عنعنة بعض المدلسين، فأعل بها بعض الأحاديث، ومشَّاها في حديث آخر، ولم يجعلها علة تقدح فيه، فقال في غضون كلامه (١) .

" إن هذه أمور تنقدح في قلب الناقد حسب مرجحات تقوم عنده، فلا يلزم أن يكون هذا الشيء موجوداً عنده في كل حديث ".

ثانياً:

أن لفظ " الحسن " هاهنا، لم يُرِد به الإمام الدارقطني المعنى المتبادر والمتقرر لهذا المصطلح لدى العلماء المتأخرين، والذي يقتضي ثبوت الحديث، وصدق الراوي المتفرد به في الحفظ.

وإنما أراد به أحد معنيين، لا ثالث لهما، من المعاني التي يعنيها العلماء المتقدمون عند إطلاق هذا اللفظ، وكلاهما لا يدل على ثبوت الحديث، ولا على صدق الراوي، عند من أرادهما أو أحدهما (٢) .

والمعنى الأول: الحسن المعنوي.

أي: أن المعنى الذي تضمنته رواية سعيد بن بشير معنى حسن


(١) " كشف المعلم ... " (ص ٩٧) .
(٢) ليس معنى هذا أن المتقدمين لا يطلقون هذا المصطلح على المعنى المتقرر عند المتأخرين، أي:الحسن لذاته والحسن لغيره، وإنما أعني أن هناك معاني أخرى أرادها المتقدمون من إطلاق هذا المصطلح أحياناً، ولم يجر عليها عرف المتأخرين أو أكثرهم.
وقد ذكرت في كتابي " لغة المحدث " (ص ٥٤ - ٥٨) أمثلة على إطلاق المتقدمين " الحسن " على الصحيح، وعلى الحسن الذاتي، وأيضاً على الحسن لغيره، والإمام الترمذي ـ وهو متقدم ـ من أكثر الذين أطلقوا " الحسن " على إرادة " الحسن لغيره " كما هو معلوم.

<<  <   >  >>