للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سماعهم، وبعض أُشْكِلَ؛ وقد كان ينبغي فيما أُشْكِلَ أن يُتوقف فيه؛ لكنهم قنعوا ـ أو أكثرهم ـ بإحسان الظن بكما، فقبلوه، ظناً منهم أنه قد بان عندكما أمره، وحَسْبُنَا الاقتداء بما فعلوا، ولزوم الاتِّباع،

ومجانبة الابتداع" اهـ.

وهو أيضاً؛ مسلك قد سلكه أئمة الحديث في كثيرٍ من أحكامهم الجزئية على الأحاديث، حيث أُثر عنهم الاستدلال على حفظ الراوي لحديث قد أُنكر عليه، أو يُخشى من وقوع الخلل في الرواية من قِبَله، بأن غيره قد تابعه على حديثه ذاك، وقد يكون من تابعه ثقة، وقد يكون دون ذلك.

قال إسحاق ابن هانيء (١) :

قال لي أبو عبد الله ـ يعني: أحمد بن حنبل ـ: قال لي يحيى بن سعيد ـ يعني: القطان ـ: لا أعلم عبيد الله ـ يعني: ابن عمر ـ أخطأ، إلا في حديث واحد لنافع؛ حديث: عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسافر امرأة فوق ثلاثة أيام".

قال أبو عبد الله: فأنكره يحيى بن سعيد عليه.

قال أبو عبد الله: فقال لي يحيى بن سعيد: فوجدته، قد حدَّث به العُمَري الصغير (٢) ، عن نافع، عن ابن عمر ـ مثله.

قال أبو عبد الله ك لم يسمعه إلا من عبيد الله، فلما بلغه عن العُمَري صححه (٣) .


(١) "مسائله" (٢/٢١٦) ، وكذا هو في "شرح علل الترمذي" (٢/٦٥٦) .
(٢) يعني: عبد الله بن عمر العمري.
(٣) كذا؛ روى ابن هانىء هذه القصة عن أحمد بن حنبل ويحيى القطان، وسياقه واضح في أن العمري الصغير يروي الحديث مرفوعاً كما يرويه عبيد الله أخوه، وأن القطان صحح الحديث بعد أن وقف على متابعته.
لكن؛ روى هذه القصة أيضاً عن أحمد والقطان: عبد الله بن أحمد في "العلل" (٢٠١٢) وأبو داود في "المسائل" (ص ٣٠٦) ، وسياقهما لا يدل على ذلك، بل على خلافه.

"سمعت أحمد قال: قال يحيى: نظرت في كتاب عبيد الله ـ يعني: ابن عمرـ، فلم أجد شيئاً أنكره إلا حديث: "لا تسافر المرأة ثلاثاً ـ يعني إلا مع ذي محرم" ورواية عبد الله بن أحمد بنحوه.
وكذا، نقله الدارقطني في "العلل"؛ كما في "الفتح" لا حجر (٢/٥٦٨) .
فروايتهما؛ تدل على أن القطان أنكره، ولم يقوه، وأن أحمد لم يقوه، بل حكى أن أخاه عبد الله يخالفه في رفعه. والله أعلم
لكن؛ الحديث صحيح لا غبار عليه، وقد تابع عبيد الله على رفعه الضحاك بن عثمان، وحديثه في مسلم.

<<  <   >  >>