يكفي للاتصال إمكان اللقاء والسماع؛ وابن أبي ذئب أدرك زمان أبي الزبير بلا خلاف، وسماعه منه ممكن ".
قلت: بصرف النظر عن الراجح في مسألة عنعنة المعاصر؛ فإن تعقب البخاري بقول مسلم فيها دليل على عدم فهم وجه إعلال الإمام البخاري لهذا الحديث.
فإن البخاري ـ عليه رحمة الله ـ لا يقصد إعلال الحديث بالانقطاع بين ابن أبي ذئب وأبي الزبير، حتى لا يصح أن يرد عليه بأن إمكانية سماعه منه كافية للحكم بالاتصال.
بل لو ذكر الراوي لفظ السماع بينهما، فقال ـ مثلاً ـ: " عن ابن أبي ذئب: حدثنا أبو الزبير "، لما صحح البخاري الحديث أيضاً؛ ولما كان مجيء لفظ السماع دافعاً للعلة التي أعل البخاري الحديث بها.
ذلك؛ لأن البخاري يُخَطِّئ في هذا الحديث واحداً ممن دون ابن أبي ذئب في الإسناد، فمهما ذكر ذلك المخطئ في روايته تصريح ابن أبي ذئب بالسماع من أبي الزبير، فإن ذلك لا يدفع عنه الخطأ عند الإمام البخاري.
بل لو ذكر لفظ السماع بينهما، لكان ذلك أدل عند البخاري على خطئه في روايته تلك، لتأكيده موجب الإنكار عند البخاري.
فموجب الإنكار في هذه الرواية عند البخاري ـ عليه رحمة الله ـ يتلخص في أمرين:
الأول: تفرد الحسين بن يزيد به.
وقد تقدم عن أبي حاتم الرازي، أنه لين الحديث، ولم يوثقه مُعتبر