، لاسيما؛ وأنه تفرد به عن حفص، عن ابن أبي ذئب؛ وذلك مما يُستغرب.
ذلك؛ لأن ابن أبي ذئب من الحفاظ المكثرين حديثاً وتلامذة، وحفص ليس من المعروفين بملازمته والأخذ عنه، بل لم يذكروه في الرواة عنه أصلاً ـ كما سبق ـ فكيف يتفرد مثل هذا عن ابن أبي ذئب بحديث ولا يعرفه أصحابه العارفون بحديثه، أمثال: ابن المبارك، وأبي نعيم، وابن أبي فديك، ووكيع، والقطان، مع كثرة ملازمتهم له، واختصاصهم به؟!
وحفص بن غياث؛ يشترك أيضاً مع ابن أبي ذئب في هذا الأمر؛ فإنه أيضاً من المكثرين أصحاباً وحديثاً، ولم يُعرف هذا الحديث عند أصحابه، مثل: ابن راهويه، وأبي خيثمة، وأبي بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، وأمثالهم.
الثاني: غرابة الإسناد.
ومراد البخاري: أن رواية ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير ـ سواء بالعنعنة أو بالتصريح ـ غير معروفة في غير هذا الحديث، فهذه التركيبة الإسنادية مما تُستغرب.
وقد كان طلبة الحديث على وجه العموم يعجبهم سماع الأحاديث العالية والغرائب، وكانوا يسمونها بـ " الفوائد "، ويحرصون على كتابتها، ويتهافتون على سماعها، فلو حدث ابن أبي ذئب بهذا الحديث عن أبي الزبير، لسمعه منه أمم؛ لعلوه ولغرابة إسناده.