ثم إن أهل الكوفة لم يكن الواحد منهم يسمع الحديث إلا بعد استكماله عشرين سنة، ويشتغل قبل ذلك بحفظ القرآن وبالتعبد، كما في " الكفاية " للخطيب البغدادي (ص ١٠٣) .
ومعلوم؛ أنهم ما كانوا يبدءون بالرحلة من أول الطلب، بل كانوا يسمعون من أهل بلدهم أولاً، ثم إذا فرغوا وحصلوا ما عندهم بدءوا في الرحلة.
ثم الراوي وقع في الخطأ البين في الرواية بذكر لفظ التحديث بين الشعبي والفضل، مع أنه لا يمكن تاريخياً أن يسمع منه، فوقوعه في الخطأ بذكره لفظ التحديث بين الشعبي وأسامة بن زيد أولى؛ لأن الأمر فيه محتمل، فإذا كان الراوي أخطأ فيما لا احتمال فيه، فكيف بالمحتمل؟! فإن الظاهر أن الراوي لم يحفظ الرواية كما
ينبغي (١) .
والله أعلم.
** الأمر الثالث:
أن لا يكون ذلك المصرح بالسماع ممن له اصطلاح خاص بألفاظ السماع، يتنافى مع الاتصال، كأن يكون ممن يرى جواز إطلاق لفظ التحديث في الإجازة أو الوجادة، كما ذُكر ذلك عن أبي نعيم الأصبهاني، أو ممن يرى التسامح في هذه الألفاظ، بإطلاقها في موضع السماع وغيره، كما ذكر الإمام أبو بكر الإسماعيلي أن المصريين والشاميين يتسامحون في قولهم:" حدثنا " من غير صحة السماع، منهم: يحيى بن
(١) وانظر: تعليق الشيخ أحمد شاكر ـ عليه رحمه الله ـ على " المسند " (١٨٢٩) .