للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدليساً، وهو يقول: حدثنا؟!

فهذا ـ كما ترى ـ لا يتفرد، بل يروي ما يرويه غيره، غير أن غيره سمع، وهو لم يسمع، فيظهر وكأنه لم يتفرد، بل توبع، وليس الأمر كذلك، فإن هذه متابعة صورية، لا حقيقة لها.

فمتابعة السارق؛ لا تدفع عنه تهمة السرقة، بل تؤكد التهمة عليه، وأنه إنما أخذ حديث غيره، فرواه؛ مدعياً سماعه (١) .

وهذا؛ والأصل في السارق أنه متهم؛ لادعائه سماع ما لم يسمع، لكن؛ قد يقع من بعض الثقات وبعض أهل الصدق ممن لا يُتهمون ـ ما صورته كصورة السرقة، لا عن قصد؛ بل عن خطأ، أو عن تساهل في استعمال ألفاظ الأداء في غير معناها الاصطلاحي.

فمثل هذه الروايات تعامل مثل السرقة، من حيث عدم الاعتداد بها في باب الاعتبار ودفع التفرد، غير أنه لا يثتهم في صدقه من وقع في مثل ذلك من أهل الصدق، بل يحمل ذلك على الخطأ أو التساهل.

وقد تقدمت أمثلة ذلك في " فصل: التدليس.. والسماع " (٢) .

وبالله التوفيق.


(١) ونقل أخونا على الحلبي في " نكته على النزهة " (ص ٥٣-٥٤) ، عن الشيخ الألباني ـ حفظه الله تعالى ـ، أنه قال:
" إن من عمل بعض الكذابين: أن يسرق الحديث من غيره من أمثاله، وبطريق السرقة هذه تتعدد الطرق، وكلها في الحقيقة ترجع إلى طريق واحد، آفته ذلك الكذاب الأول؛ فتنبه لهذا؛ فإنه أمر دقيق ".
(٢) وانظر: كتابي " لغة المحدث " (ص ٧١-٧٢) .

<<  <   >  >>