قلت: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير ـ يرفعه ـ:" نضر الله امراءً سمع مقالتي فبلغ بها "، وبهذا الإسناد مرفوع:" اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه ".
فقال: إن كان الشيخ روى هذا فهو كذاب، وإلا فإني رأيت حديث الشيخ مستقيماً ".
قلت: وإن كان محمد بن كثير هذا ضعيفاً، بل هو ضعيف جداً بمجموع أقوال أهل العلم فيه، إلا أن ابن معين رغم أنه كان لا يرى به بأساً، لاستقامة أحاديثه التي رآها له، إلا أنه لما رأى هذين الحديثين المنكرين كذبه؛ وهذا يدل على أنه رأى الحديثين في غاية النكارة، على الرغم من أن خطأه في هذين الحديثين إنما هو في الإسناد، لا في المتن، وإلا فالمتنان مرويان من غير هذا الوجه، وإن كان المتن الأول صحيحاً، والآخر ضعيفاً.
ونكتفي بهذه الأمثلة.
ثم أقول:
ليس الخوف الذي يعتري الناقد من رواية الضعيف مبعثاً من حال هذا الضعيف فحسب، بل هو يكمن فيما يمكن أن يكون الراوي الضعيف فعله في الرواية؛ فأفسدها.
فإن غاية ما يمكن أن يصنعه الراوي المتروك أو الضعيف جداً، بل والكذاب في الرواية، هو أن يقلب إسناداً أو يركب متناً، وهذا قد يقع فيه هين الضعف ـ بل والثقة أحياناً ـ إذا ما أخطأ؛ فقد يدخل عليه حديث في